العالم رسمياً دخل العام الجديد، كل عام وأنتم بخير اينما كنتم.. آمل أن يكون عاماً أفضل علينا وعليكم وعلى الأُمة العربية وعلى العالم بأكمله. إحدى طقوسي بدخول العام الجديد هي مُراجعة خطة العام الماضي والتخطيط للعام الجديد، للأسف خطة العام الماضي لم تتحقق بالشكل المطلوب لإني ارتكبت أخطاء شنيعة بالتخطيط.. شنيعة جداً، ولكن لحسّن الحظ نفذت مشاريع ترددت حولها كثيراً مثل إنشاء مُدونة أماني وكتبت أكثر من 15 تدوينة ولهذا لا أعتبر عام 2017 بذلك السوء! من المهم أن نحتفل بإنجازاتنا – ولو كانت ظاهراً صغيرة- حتى نستطيع أن نتطّلع للإنجازات الأكبر، أفهم جيداً الإستسلام، والطاقة الهابطة عندما تجد نفسك لم تنجز أهدافك المطلوبة لكل عام، وتبدأ بعدها بالسخرية من نفسك بطلوع كل عام جديد اعتقادا منك بإنه سيكون هذا العام كالذي سبقه، أعتقد بأنه علينا أن نتعلم من اخطائنا ونعتبرها خبرة تساعدنا بتفاديها مستقبلاً، وعلينا أن لا نعتبرها حجة تمنعنا من التخطيط والتنفيذ مجدداً. أحب بداية كل عام جديد، لإنه يعطينا فرصة لطي صفحة الماضي والبدء من جديد!
أسباب الفشل
1- عدم كتابة خطة
الإعتماد على ذاكرتك في تحديد أهدافك للعام كالكتابة على الماء، لن يدوم إلا لفترة قصيرة جداً! ولنفترض أن لديك ذاكرة حديدية، لن تستطيع قياس الأهداف وتوزيعها على الشهور خصوصاً لو كانت مشاريع كبيرة. الخطط المكتوبة لا تساعدنا فقط في صياغتها بأفضل شكل ممكن، بل توحي لنا اننا بالفعل ملتزمون بها وكأنها عقد قانوني –وهذا شيء جيد بالطبع!- أما الأهداف التي تبقى بالذاكرة، ستعتبرها أقرب لكونها أمنيات لا أكثر! عليك أن تحتفظ بدفتر شخصي خاص للتخطيط والقياس إن كنت جاد في رغبتك بتحقيق أمور عظيمة. لا تنسى الاحتفاظ بالدفتر في مكان آمن خصوصاً لو كان بهِ خطط للسيطرة على العالم وما شابه.
2- وضع خطة غير واقعية
الحماس والطموح مهم عند تحديد الأهداف، لكن ايضاً واقعية الخطة مهمة، كلنا نّود أن ننشئ مُدونة لتحصل على مليون قارئ، وكلنا نتمنى أن ننشر كتاب ويحصل على جائزة البوكر، او تخيل أن نخطط لقراءة 50 كتاب ونحن لم نقرأ بحياتنا إلا كتاب او اثنين. أهم عامل في التخطيط، هو إستخدام حكمك الخاص إن كانت الخطة بالفعل قابلة للإنجاز. لا أقول بأن عليك خفض طموحاتك وحجم أهدافك، لكن كن واقعياً لتنجح.
3- عدم وضوح الخطة
أغلب الناس تكتب أهداف غير واضحة للعام الجديدة مثل “بصير رياضي” او “بنزل وزني” عليك أن تحدد كيف بتكون رياضي، أي رياضة ستمارس وكيف ستبدأ وكيف ستنتهي، وعليك تحديد كم كيلوجرام “بتنزل” وزنك لإنه هدف فضفاض مثل هذا لن يتحقق، وحدد الخطة التي ستساعدك بالوصول لهدفك مثل أن تحدد نظام غذائي صحي وتغيير عاداتك الصحية حتى تصل للهدف.
4- عدم وضع جدول زمني للخطة
ترتبط أهداف الناس بشكل ساخر مع اليوم الأول لكل عام جديد.. وتجدهم باليوم العشرين من الشهر الأول استسلموا وينتظرون العام المقبل ليعيدون هذا الخطأ مجدداً، إن لم نضع يوماً محدداً لبدء مشروع معين فغالباً لن نفعل مطلقاً، كتابة جدول زمني محدد لكل هدف بعد تحديد كميته وقياسه مهم جداً لئلا تضيع بين شهور السنة. حتى تفهم الفكرة أكثر، تخيل الهدف كعكة كبيرة، وأقطع هذه الكعكة الكبيرة لأجزاء صغيرة توزعها مابين الصحون او الشهور بالمعنى الحقيقي.
5- ترك فرصة للفشل لجعلنا نستسلم مبكرا
تمتلئ النوادي الرياضية بالناس مع أول اسبوع من يناير، وتفرغ بمطلع فبراير.. هناك نكت كثير تنتشر بخصوص هذا الموضوع خصوصاً بالمجتمعات الغربية، الناس يستسلمون ويتركون أهدافهم مبكراً! الإلتزام بنمط حياة جديد او عادات صحية جديدة ربما يكون صعب ومُثير للتحدي، العادات تستغرق أسابيع من الممارسة والتطبيق حتى لتكتسبها. لاتترك خطتك قبل أن تعطي الفرصة للعادات الجديدة لتتشكل، الأسابيع الأولى من أي عادة جديدة ستكون بالطبع صعبة، ولكن بمجرد أن تكتسبها، ستكون من روتينك وستكون عاداتك الجديدة التي ستصاحبك طول حياتك. لاتعتنق المثالية السلبية لإنها لن تخدمك، وأعني بالمثالية السلبية هي عندما تبدأ تحقيق عادة جديدة/هدف سواء كان التمرين يومياً او أن تأكل غذاء صحي، وتفشل بتحقيقه بثاني او ثالث يوم ثم.. تستسلم وتترك الهدف بكامله. بدلاً من أن تكون صارم بتحقيق قراراتك وتتخلى عنهم معاً إن لم تكن مثالي، حاول أن تكون أكثر مرونة مع نفسك. أدرك بإنك إنسان، يرتكب اخطاء وكن متماسك بقدر مايُمكنك مع أي شيء تفعله ولو لم تستطيع تحقيقه بشكل مثالي.
6- إخفاء الخطة عن الآخرين
كما نحب أن نعتبر نفسنا أشخاص مستقلين، نحن بالنهاية إجتماعيين بطبعنا الإنساني، أن تشارك خطتك مع عائلتك وأصدقائك المقربين يصنع تأثير عظيم، سواء شاركتها مع شخص او اثنان او حتى أعلنت عنها بشكل رسمي، عامل المساءلة من الآخرين في مراحل خطتك سيجعلك أكثر إلتزاماً بالخطة، على عكس لو إحتفظت بها لنفسك.
7- عدم تذكر أسباب الهدف
الكثير من الأشخاص يفشلون في إنجاز أهدافهم السنوية لإنهم نسوا “لماذا” أرادوها بالأصل. تستطيع تفادي هذا الخطأ بتذكير نفسك سبب هدفك بشكل مستمر.
وصلنا إلى الجزء المهم من التدوينة، قبل قراءة السطور التالية، جهّز دفترك الخاص وكوب قهوة. الآن بالطبع فهمت أكثر الأخطاء شيوعاً، وستفهم بأنه عليك الإبتعاد عنها خلال التخطيط والتنفيذ. ربما ليس لديك أهداف معينة للعام الجديد، او لديك ولكن متبعثرة ولاتنتمي لصنف معين لهذا إن لم تفكر بأهداف معينة، هناك خمس أقسام مهمة:
-القسم الصحي
-القسم التطويري للشخص/الثقافي/التعليمي
-القسم الدراسي/الوظيفي
-القسم الإنتاجي/التجاري
-القسم المالي/الإستثماري
عندما وضع خطتك، احذر أن تركز على جهة واحدة فقط طول العام، التطرف بالأمور دائماً ينتهي بسوء.. حاول أن تأخذ هدف او مشروع من كل قسم، على سبيل المثال:
– القسم الصحي: أنزل وزني – احافظ على نمط حياة صحي غذائياً ورياضياً
– القسم التطويري: أتعلم للغة جديدة او احسن لغتي الإنجليزية – اقرأ اكثر
– القسم الدراسي/الوظيفي: أرفع معدلي او درجاتي – أحصل على ترقية – ارفع درجتي بالعمل
– القسم الإنتاجي/التجاري: أكتب كتاب – أنشئ مُدونة – أفتتح محل او مؤسسة
– القسم المالي/الإستثماري: أسدد ديوني – أدخر لليوم الأسود – أشتري اشياء معينة هذه السنة
بالطبع الأمثلة المكتوبة بالأعلى ليس بالضرورة تمثل أهدافك او رغباتك الشخصية، لكن هي محاولة حتى تفهم التخطيط وأقسامه لأهداف العام، حاول الآن ان تكتب أهداف كنت تريد تحقيقها من اي قسم (حتى لو كانت اكثر من 30 هدف) او إن لم تستلهم أي فكرة إلى الآن لتحديد أهدافك.. حاول تتفهم إحتياجاتك، هل حياتي الصحية جيدة او تحتاج لتحسين؟ هل حياتي الدراسية ماشية تمام؟ هل ثقافتي تحتاج لرفع من مستواها؟ خذ وقتك وأنت تكتب هذه الأهداف وتحددها.
حسناً، الآن دونت كل شيء.. سننتقل الجزء المهم وهو التخطيط الصحيح لهذه الأهداف، سنتّبع النظام الشهير وهي الأهداف الذكية، على أهدافك أن تكون:
1- محددة
مثال لهدف غير محدد: أريد تحسين معدلي الجامعي
مثال لهدف محدد: أريد أن ارفع معدلي لـ 3,80
2- قابلة للقياس
مثال لهدف غير قابل للقياس: أنزل وزني
مثال لهدف قابل للقياس: أنزل 9 كيلوجرام من وزني
3- قابلة للإنجاز
مثال لهدف غير قابل للإنجاز: أريد أن اكتب كتاب وأن يكون اكثر كتاباً مبيعاً لهذه السنة
مثال لهدف قابل للإنجاز: أريد أن اكتب كتاب وأنشره بنهاية فصل الصيف
4-واقعية
مثال لهدف غير واقعي: أريد أن اتعلم 5 لُغات جديدة
مثال لهدف واقعي: أريد أن اتعلم لغة واحدة وأتقنها
5- مُجدولة زمنياً
مثال لهدف غير مُجدول زمنياً: أريد أتعلم العزف على الجيتار
مثال لهدف مُجدول زمنياً: أريد أن أعزف أغنية واحدة على الأقل بنهاية شهر يونيو
الآن لديك الأدوات الضرورية لخطتك، يمكنك ايضاً بشكل مختصر تحديد هدفك بشكل بسيط مثل هذه الجملة، فقط عليك أن تملئ الفراغات:
هدفي للعام الجديد هو / ................ الموعد الأخير لتحقيق هذا الهدف / ................ النشاطات التي علي تغييرها او تحسينها او بدئها او التوقف عنها للوصول للهدف هي / ......................
بالطبع لاننسى أن الأهداف ايضاً تتصنف لقسمين، أما ان يكونون إنجازات او عادات، فتح محل تجاري على سبيل المثال يُعد إنجاز، اما المحافظة على نظام غذائي صحي هو عادة، أن تصل لوزنك المثالي يتطلب منك إكتساب عادات جديدة او التوقف عن عاداتك الحالية.
لاننسى فكرة الكعكة الكبيرة (الهدف) وأن عليك أن تقطعها أجزاء صغيرة وتوزعها بين الصحون (الشهور) فبعد أن تكتب أهدافك وتحددهم حسب نظام الأهداف الذكية، عليك أن توزع الأهداف هذه مابين الشهور حتى لايكون هناك شهور معينة تشكل ضغطاً عليك وتضطر للإنسحاب.
=======
المصدر موقع ألوانى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق