.. كيف يخدعـك الدماغ باسم الحب؟!
أغلبنا مر بمرحلة غريبة، أن تنظر إلى شخص معين وتعجب به وتحس بأنك مرغم على هذا الشعور، وتحاول أن تجيب على سؤال مهم “لماذا هذا الشخص بالضبط؟”.
كل ما في الأمر أنك كشخص وكإنسان لا تستطيع أن تفهم لماذا انجذبت إلى هذا الشخص بالضبط، لكن الجميل في الأمر أن دماغك يعرف من أين أتى هذا الانجذاب.
هذا الانجذاب تم لأن الدماغ رأى (مجازياً) مواصفات يفضلها ومفيدة على المستوى التطوري ( مثل انجذاب النساء للرجل الطويل أو الجذاب أو صاحب المال، أو الرجال الذين يفضلون النساء الجذابات) بدون وعي منهم.
و الآن تابعوا معنا رحلة نحو دماغ المحب:
مراحل الحب
يمر الحب من النظرة الأولى إلى الزواج أو الارتباط بمراحل يمكن تلخيصها في 3 مراحل كالتالي:
المرحلة الأولى: الرغبة
يرى الدماغ علامات معينة في الشخص فيتم إفراز هرموني التستوستيرون والإستروجين لتأهل الانجذاب لهذا الشخص.
المرحلة الثانية: الانجذاب
في هذه المرحلة أنت تحت سيطرة 3 مواد كيميائية، “الدوبامين” وهو الذي يجعلك أكثر سعادة وحيوية، ثم “السيروتونين” وهو الذي يجعلك مجنوناً (ستلاحظ قيامك بأشياء مجنونة وغريبة، هذا الهرمون هو السبب)، و”الأدرينالين” الذي يجعل قلبك يدق بسرعة مع تعرق شديد كما يجعلك منتبهاً لكلمات حبيبك بدقة.
تعد هذه المرحلة مرحلةَ العشق، فعندما يقع الناس في الحب لا يفكرون بأيَّ شيءٍ آخر. وقد يفقدون حتى شهيتهم إلى الطعام وينامون أقل، مُفضلِين قضاءَ ساعاتٍ من الوقت يحلمون أحلام اليقظة حول الحبيب الجديد.
المرحلة الثالثة: الارتباط
وهي ما ستحدد ما إذا كانت العلاقة ستستمر بعد مرحلة الانجذاب أم لا، فالارتباط التزامٌ طويل الأمد، وهو الرابطة التي تحافظ على الأزواج معاً عندما ينجبون الأطفال.
في هذه المرحلة يفرز الدماغ هرمونين:
الأوكسيتوسين: الذي يساعد الثدي أيضاً ليقوم بإدرار الحليب، كما يساعد على تقوية الرابطة بين الأم والطفل.
يتم إفرازه أيضاً من كِلا الجنسين أثناء النشوة الجنسية، ويُعتقد أنه يعزز الترابط عند البالغين خلال اللقاءات الحميمية.
يتم إفرازه أيضاً من كِلا الجنسين أثناء النشوة الجنسية، ويُعتقد أنه يعزز الترابط عند البالغين خلال اللقاءات الحميمية.
فاسوبريسين: الذي يجعل الشخص أكثر اخلاصاً و تحملاً للمسؤولية للحبيب كي يحافظ على النسل، حيث يعزز الرابطة بين الآباء والأبناء.
المخ صريع الحب
ما إن تقع عين الإنسان (رجل أو امرأة) على الشخص المناسب، وما إن يشم أنف المرأة رائحة الرجل الذي تتمناه حتى يدفع المخ بدفقة من الناقع الكيميائي الدوبامين، فيشعر الانسان بالسعادة والنشوة والرضا، كذلك يعطي المخ أوامره لإفراز بعض من هرمون الذكورة التستوستيرون (في كل من الرجل والمرأة) مما يثير الغريزة الجنسية، كما يثير الرغبة في امتلاك ذلك الشخص.
في هذه المرحلة يظهر التصوير الإشعاعي عند المراة المحبة نشاطاً في المراكز الخاصة بالانتباه والحدس والذاكرة. أما الرجل فيظهر نشاطاً أكبر في قشرته المخية البصرية. مما يعني أنه أكثر وقوعاً في الحب من النظرة الأولى.
وعندما يقع الإنسان في الحب فإن الدوائر العصبية الخاصة بالحرص والتفكير المنطقي يتم إغلاقها، حتى إن المحبين (خاصة النساء) كثيراً ما يعلنون أن عيوب محبوبهم لا تؤرقهم ولا تشغل بالهم (امرأة الحب عمياء). كذلك يتم تهدئة المراكز المخية المسؤولة عن الخوف و القلق.
يتشابه الحب في عمله في الدماغ ببعض الحالات التي نلاحظها يومياً، حيث يشغل نفس الدوائر العصبية:
- التي تشغلها الرغبة في الاستحواذ والتسلط والشعور بالثقة.
- التي تتنشط عند الإصابة بالجنون، إذ يخرج كل منهما عن المنطق و التعقل.
- التي يؤثر فيها الإدمان لاشتراكهما في عدم القدرة على الاستغناء، ثم السعي الحثيث للإشباع.
وتتشابه الأعراض المبكرة للحب مع ما تسببه الجرعات الأولى من بعض العقاقير والمواد المخدرة كالأمفيتامين والكوكايين والمورفين والهروين، لاشتراكهما في تنشيط إفراز نفس الناقلات العصبية.
كما يشترك المحبان مع المدمنين في الشعور بالنشوة، وكما يبحث كل منهما عن الآخر مثلما يبحث المدمن عن العقار، فإنهما يشعران بنفس الأعرض الانسحابية إذا افترقا، لذلك فالحب الحقيقي يعتبر إدماناً حقيقياً.
يصف ستندهال في كتاب حول الحب، شاباً يدعى البريك يلتقي بامرأة أكثر جمالاً من حبيبته، ومع ذلك فإن البريك يكون أكثر انجذاباً لحبيبته مما هو لتلك المرأة لأن حبيبته تعده بسعادة أكثر بكثير.
يملك الحب قوة كبيرة لتغيير الانجذاب، بحيث أن البريك يثار بعيب ثانوي على وجه حبيبته، عبارة عن أثر صغير لبثرة الجدري، وهو يثيره لأنه “اختبر عواطف كثيرة جداً في حضور ذلك الأثر، وهي عواطف رائعة في معظمها وذات شوق مستحوذ للغاية، بحيث أن عواطفه بغض النظر عن نوعها يعاد تجديدها بحيوية لا تصدق لدى رؤيته لهذه العلامة، حتى لو رآها على وجه امرأة أخرى، وفي هذه الحالة يصبح القبح جمالاً”، يسمي ستندهال هذه الحالة “الجمال المخلوع بالحب”.
أيضاً إذا كنت قد قمت بمجازفات غبية خلال وقوعك في الحب (وتساءلت لاحقاً كيف يمكنك أن تثق بذلك الخاسر -الدماغ-)، فقد يهم أن تعرف أن الاوكسيتوسين يزيد أيضاً ثقة الناس خلال التفاعلات الاجتماعية، حتى مع الغرباء.
وكما يكون لعاطفة الحب كيمياء، فإن ألم الحب له كيمياء أيضاً. عندما يبتعد الحبيبان عن بعضهما البعض لفترة طويلة جداً، ينهاران ويختبران عذاب البعد، ويتوق كل منهما للآخر، ويصبحان قلقين ويشكان في أنفسهما، ويفقدان نشاطهما، ويشعران بالإرهاق والاكتئاب، ومثل العلاج البسيط فإن رسالة عادية أو الكترونية أو هاتفية من الحبيب تزود بجرعة فورية من النشاط. وإذا افترقا يصيبهما الاكتئاب.
إن هذه الأعراض (الانهيار، التوق، عذاب البعد، العلاج) هي علامات ذاتية للتغيرات اللدنة التي تحدث في بنية أدمغتنا بينما تتكيف مع حضور أو غياب الحبيب.
مقال بواسطة/ محمد الغنفري، من المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق